كان في السابق الجرائم غالبا ما ترتكب في ظلمة الليل
أما الآن فإنها صارت في وضح النهار وأمام أعين الجميع, أصبح المجرمون
يعبثون في الأرض فسادا.. بلطجة سرقة سيارات تحت تهديد الأسلحة..
خطف.. قتل.
جرائم اصبحت ظاهرة الآن في الشارع المصري, خاصة بعد حالة الانفلات الأمني التي شهدناها في الفترات الأخيرة.
محافظة القليوبية هي إحدي محافظات الجمهورية التي انتشرت فيها جرائم كثيرة
واعتاد البلطجية فرض سيطرتهم وجبروتهم فيها من جنوبها ابتداء بالقناطر
الخيرية ومرورا بقليوب وحتي شبرا الخيمة, ومن شمالها ابتداء بشبين القناطر
والخانكة وأبوزعبل وحتي الخصوص.
سجلات الاجرام عندهم حافلة, وألقابهم وأسماء شهرتهم أحيانا تدعو أحيانا إلي الغصة ولا تعرف الرحمة والشفقة طريقا إلي قلوبهم.
الوقائع كثيرة وكان منها السطو المسلح علي سيارة الأهرام والاعتداء علي
الزميل أحمد البري نائب رئيس تحرير الأهرام والسائق جمال عطية وسرقة
السيارة ومبلغ4 آلاف جنيه وهاتفين محمولين ثم بعدها بنصف ساعة خطفوا صيدليا
تحت تهديد الأسلحة الآلية وطلبوا فدية5 ملايين جنيه, واحتجزوه ثلاثة أيام,
حتي تم تحريره, ولم تمر بضعة أيام حتي استولوا علي سيارة الشرقية للدخان
وبها حمولة تقدر بـ4 ملايين جنيه وقتلوا أحد حراسها, عشرة أيام كثفت خلالها
الأجهزة الأمنية بالقليوبية من مجهوداتهم للقبض علي هؤلاء البلطجية إلي أن
ألقي القبض عليهم, وأخطر اللواء احمد حلمي مدير مباحث الوزارة بإخطار
اللواء أحمد جمال الدين مساعد أول وزير الداخلية للأمن العام, الذي أمر
بإحالتهم إلي النيابة.
المتهمون مقيمون في قرية نوي بشبين القناطر ذلك المركز الذي يضم بين
جنباته مثلث الرعب لتجار المخدرات, فهو بؤرة للمجرمين والبلطجية وقطاع
الطرق, يجلسون مع بعضهم وسط الزراعات الكائنة علي طريق نوي شبين القناطر,
مدججين بالأسلحة الآلية, ينصبون آكمنة في الطرق من خلال بعض المطبات
الصناعية التي يصنعونها علي الطرق, من أجل سرقة السيارات والاعتداء علي
أصحابها, إما بالضرب أو القتل لو لزم الأمر.
فكروا منذ عشرة أيام في خطف صيدلي يعرفونه جيدا فهو ثري جدا وعائلته تتمتع
بغني فاحش, عقدوا العزم وبيتوا النية علي هذا الفعل, ويوم الحادث نصبوا
كمينا في طريق شبين القناطر من أجل سرقة سيارة يؤدون بها المهمة, فقام
أحدهم ويدعي صابر سعيد الطوخي وشهرته الكباري, وهو متهم في عدة جرائم ومنها
قتل وسرقة وخطف وتزييف عملات, وهو المتزعم لهذه العصابة, حيث وقف المتهم
الثاني صابر إبراهيم أبوزيد وله سجل حافل بالإجرام لمراقبة الصيدلية
الكائنة بشبين القناطر وأمام أحد المطبات بطريق نوي وقف الكباري أمام سيارة
الأهرام بالأسلحة الآلية, وحضر من خلفها محمد محروس وشهرته هيطة ووقف سيد
مكنة في الطريق حاملا السلاح الآلي لتأمين الطريق وقد اطلق عدة أعيرة نارية
لإرهاب الزميلين واستولوا علي السيارة والمتعلقات الشخصية والمبالغ
المالية التي كانت بحوزتهما, وفجأة استقل المجرمون السيارة متجهين لاكمال
السيناريو الذي تم الاعداد له وهو خطف الصيدلي, فقاد كباري ورفاقه السيارة
وتم الاتصال بـ صابر أليطة لبدء تنفيذ الخطة, وكان صابر قد استعان باثنين
آخرين وهما عبدالله الكرماني وحسام شوكت, وبعد نصف ساعة تقريبا من ارتكاب
الحادث الأول, دخل المتهمون حاملين الأسلحة الآلية واعتدوا علي صيدلانية
تعمل مع الصيدلي وأطلقوا الأعيرة النارية وقاموا بخطف الصيدلي ويدعي أمير
وهو شاب في الثلاثينيات من عمره, واحتجزوه لمدة ثلاثة أيام وطلبوا فدية
قدرها5 ملايين جنيه, وأمام هاتين الجريمتين اللتين روعتا المواطنين, كان
لرجال المباحث دور مهم في تتبع وضبط هؤلاء, فتم تشكيل فريق بحث أشرف عليه
اللواء أحمد الناغي مدير الأمن وقاده اللواء محمد القصيري مدير المباحث وضم
العميدين هشام خطاب مفتش الأمن العام وأسامة عايش رئيس المباحث والعقيدين
أحمد الشافعي رئيس فرع البحث الجنائي بالخصوص وجمال الدغيدي رئيس فرع البحث
الجنائي بشبرا والعقيد عادل فكري رئيس مباحث المرور.
كشفت التحريات التي تعاملت بسرية تامة مع المعلومات المتاحة لديها إلي
خيوط تدل علي هوية المجرمين, وبعد مرور ثلاث ساعات علي ارتكاب الواقعة تم
العثور علي سيارة الأهرام, لكن الحظ لم يكن محالفا لرجال المباحث فلم يتم
القبض علي أي متهم, بل تم اكتشاف خطف الصيدلي, فزادت صعوبة البحث وحرصا من
رجال المباحث علي سلامة الصيدلي تم اخفاء معلومة اختفائه, حتي تأكدت
معلومات مهمة عن اختفاء أفراد العصابة داخل قرية نوي وتحديدا وسط الزراعات,
فتحركت قوة من قسم شرطة شبين القناطر بقيادة المقدم محمد فوزي رئيس
المباحث وضمت النقيب أحمد عبدالمنعم معاون أول المباحث والنقيب طارق عادل
والملازم أول محمد العجاتي وملازم أول أحمد حمدي والرقيب أول احمد سيد عباس
ووسط إطلاق نار كثيف ومطاردة وسط الزراعات تم القبض عليهم حتي نجح المقدم
محمد نصر رئيس مباحث شبرا اول في القبض علي كباري وسط فرحة عارمة من أهالي
شبين القناطر لتنتهي سطوة وجبروت أفراد عصابة روعت المواطنين خلال تلك
الفترة بعد عمليات القتل والسرقة والخطف التي قامت بها.