كان في السنوات القليلة التي مضت فتاة تعشق شاباً للجنون،حاولت ان تقترب منه قدر مستطاعها ولم تنجح لأن الشاب كان مشغولا بحب آخر.ومرت السنين بصيفها و شتاءها وإزداد حب الفتاة لذلك الشاب حيث في صلاتها ركوعا و سجودا تدعو الله بأن يجمعها معه زوجة في الحلال دنيا و آخرة فإستجاب الله لدعواتها وتزوجا وختلى بها يوم زفافهما في البيت وحدهما وقال لها بكل فخر و جرأة إني أسكنت بقلبي حباً غيرك فهل ترضين أن تكوني معي و غيرك يسكن قلبي؟ دهشت وأسكتت فرحتها فسألته من تكون هل هي اجمل مني هل تحبك اكثر مني؟؟؟ لكنه أجابها بسكات ثم طأطأ رأسه في الأرض وقال إني احبها حباً اكثر من حبك لي إني احبها حباً يدخلني للجنون، إني أحبها حباً يجعل حياتي من دونها لا شيء.فبكت العروس ليلة زفافها و انقلبت أفراحها ثم نظرت لزوجها وهي سائلة:فلماذا تزوجتني ما دمت تحبها كل هذا الحب؟ فقال لقد رحلت عني حبيبتي وضاعت ولا اعرف مكانها.فإقتربت إليه ومسحت دمعها وهي تردد اذهب وابحث عنها، عجب لطلبها فاجابته إني أحبك أكثر مما تحبها وأحب أن اراك سعيدا معها إذهب و وبحث عنها واحيى معها ما تبقى من الحياة ثم قال إن الطريق طويلا لحبيبتي و أنا لا املك مالا لأبحث عنها فنزعت ذهبها الذي تزينت به وأهدته له و قالت خد بعه واذهب إليها فرفض أن يأخده لكن الزوجة أقنعته فاخده وذهب.ذهب وترك عروسه جالسة في البيت وحيدة مع دمعها فمن أحبته سنوات العمرزفت إليه عروسا فأبى أن يستكمل فرحتها .ذهب باحثا عن حبه المفقود في أرض مجهولة بالنسبة لها، ومرت الشهور ولا أخبار تاتيها من زوجها واسئلتها تدور:هل وجدها؟هل هو سعيد معها؟ هل تزوره ذكرياتي عندما ينظر لوجهها؟ هل تحبه اكثر مني؟ حارت و حيرت اهل قريتها.كانت تسهر الليل تناجيه مع نجوم السماء و تحدث الطيور المهاجرة وتسألها هل رأيتي حبيبي في بقعة من بقاع الأرض؟ فإن صادفته فاذكريني عنده.ناجته وكتبت فيه قصائد وخطوطا على أوراق كثيرة وفي يوم رن الهاتف فأجابت فجاءها صوته ليحيي قلبها و يمسح دمعها؛أخيرا أخيرا سأل عني حبيبي أخيرا تذكرني، فرسم بصوته بسمة على وجهها وخاطبته كأنها لم تناجيه في الليل ولم تشتكيه للطيور فصوته محى كل آلامها وأعادها للحياة.ثم مضت شهور ولم يسأل ولم يرن الهاتف وبعد عام من الأيام ثم عامين أعاد الإتصال ليطمئن ويسأل عنها، حينما سمعت صوته نسيت ان تلومه ونسيت أنها غاضبة منه فضمت صوته لقلبها وابتسمت وأخفت ضعفها فقالت له إني مازلت عروسا كل ليلة لك أتزين وأنتظر قدومك لأزف إليك فقال لها بكل قصوة:لن تزفي لي لقد إقتربت أن أجد حبيبتي التي كنت أبحث عنها سنين، فابتسمت وقالت: سأظل زوجتك وسأزف لك عند الله عروسا ثم انقطع الاتصال ومضى عام فجاءها شخص يدق باب منزلها ففتحت ووجدت رجلا يلبس زيا عسكريا يسألها؛هل أنت زوجة الشهيد عبد الرحمان؟ قالت: نعم أنا هي،فأجابها: لقد استشهد زوجك دفاعا عن الوطن وكان رجلا شجاعا فأجرك عند الله. حينها علمت أن زوجها كان يبحث عن حبيبته "الشهادة" ولقد استطاع ان يجدها و يصل اليها بعد سنين و سنين ففرحت واستبشرت خيرا وقالت لأمها التي تبكي و تولول: من جاء ليهنئني بلقاء حبيبي و زوجي بحبيبته فليدخل غرفتي ومن أراد غير ذلك لا يدخل عندي،فذخلت و انتظرت قدوم المهنئين لها حيث كانوا قليلي العدد،ثم رفعت يداها للسماء وقالت:اللهم اجمعني انا و زوجي في روضة من رياضك يا رحيم.فعاشت سنين العمر التي تبقت من حياتها تدعوا هذه الدعوة فانتشرت الحرب في البلاد و تطوعت ممرضة في إحدى المستشفيات تداوي الجرحى فكُتبت لها الشهادة واستشهدت رحمة زوجة الشهيد عبد الرحمان.