رجل يعبر الميدان كل يوم في ساعة محددة ثم يختفي
كاتب الموضوع
رسالة
منتديات ضجه مؤسس المنتدى
اول حرف من اسمى : الساعه الآن : سجلت للمشاركه بقسم : المنتدى باكملهالنادى المفضل : نادي الأهلي المصري http://www.f1-arabic.comعلم الدوله : الجنسيه : جمهوريه مصر العربيه عدد المساهمات : 7442عدد النقاط : 25965السٌّمعَة : 244تاريخ التسجيل : 25/12/2010العمر : 39الموقع : www.daja2.yoo7.comالاوسمه الحاصل عليها :
موضوع: رجل يعبر الميدان كل يوم في ساعة محددة ثم يختفي الأربعاء أكتوبر 19, 2011 9:23 pm
عَرفَ أن الساعة هي الخامسة ،عندما نظرإلي الساعة الكبيرة المعلقة بأعلي مبني الخطوط الجوية الفرنسية بطلعت حرب،هو يكره وضع الساعة بيده منذ الصغر،ولايجد مبررًا للنظر بشاشة الموبايل لمعرفة الوقت، تماما يتشابه مع الدته في ربط الوقت بالشمس نهارا، والليل متروك لتخمينهما، هو يقضي وقته بمقاه وسط البلد، أي أنه يتنازل عن الوقت طواعية، لامبررلأن يصطنع اهمية للثواني والدقائق، تمرأولا تمر،سيان له، اقترب من منتصف العقد الرابع بمهارة فاقت قدره المحدد له سلفا، هورجل يضع قدميه علي أول طريق الشيخوخة وينتظر فيما وراء السنوات بلامبالاة ، فماذا ستفعل السنون لشخص فقد كل شيء، إلاّ الذهاب لمقاه وسط البلد، هو يعرف الوحدة جيدًا، ويدرك أدق تفاصيلها، الوحدة بالنسبة له تشبه كلبا، كلب رباه منذ الصغر، ورحل معه بين معاني الكلمات فمن زجروس ووصولا لكلب له اسما من الأسماء. هو الآن الخبير بمعني كلمة زوحدةس يستطيع أن يؤلف فيها مجلدات إن أراد ،ويقدر علي تشريحها كطبيب أو رسمها كفنان ،يدرك أنها هو، وأنه هي، وأنهما سويا ماهية واحدة، كوجهين لعملة واحدة، لذا بمجرد أنْ ينظر لشخص ما ، يعرف مباشرة دون الخوض في حديثٍ إنْ كان قد وقع هذا الشخص في فخ الوحدة أم لا؟ هو يدعي مصطفي،وهو كائن قصير، نحيف، يبدو كسلك عارٍ يتدلي من نجفة عملاقة، لايمكن أبدا التعامل معه علي أنه موظف أو تاجر، آخر ما تتوقعه عنه- بعد الدخول في مئات الاحتمالات - أنه من المؤكد شخص عاطل ، وحيد، ولايرحب بالبحث عن عمل، شخص مربك مصطفي، كل يوم عند ما تتجاوز الساعة الخامسة ببعض ثوان، تجده أسفل الخطوط الجوية الفرنسية، ينظر إلي الجهة المقابلة للميدان ، حيث محلات الملابس ومكتبة الشروق، ولا يدري لماذا تختلط الكتب بالجينز والسوتيانات في بلادنا ، لم يجد اجابة تشفي غليله لهذا التناقض ،لذا قرر أن لا يجهد تفكيره بأشياء تفوق طاقات البشر علي الفهم ، واكتفي بتعليقك كل هذا علي كلمة زالعبث ز. مصطفي لايحمل شئيا غير نظرته لتلك الجهة، تطول هذه النظرة ، وتصل العشر دقائق، ملابسه عادية وغير متسخة ولكنها أيضًا ليست منسقة. مصطفي غامض ، فمن الصعب معرفة ما يدور في رأسه ولماذا يصر كل يوم علي الوقوف عشر دقائق ، بنفس المكان ونفس الساعة قبل عبوره الاشارة؟ يبدأ في حمل جسده ويتحرك ، خطواته بطيئة محسوبة ومتفادية الكم الهائل من البشر الذين يعبرون هنا وهناك،يزحف كالطفل ويتجه للقرب من مكتبة الشروق، ثم يقف كالمسمار في عرض الرصيف،غير مهتم بمن يعبره أو بمن يريد تكملة حديثه مع صاحبه أو صاحبته بعدما أجبرهما هو علي الفراق لجزء من الثانية، يعود ليتحرك متجها لمقهي ريش فينظر الصور القديمة المعلقة بالخارج ، ويتأمل صاحب المقهي في نظرة مطولة خرساء التعبير ويعود ثانية أمام مكتبة الشروق، ينظر إلي حيث عبر من البداية، ثم يبدأ في الدوران مع صينية الميدان ،ساعة ونصف هي مدة دورانه مع الميدان،يتوقف فيها أيضًا أمام مكتبة مدبولي وجروبي، ثم يتبخر. من أين جاء هو؟وأين يسكن؟ كيف يقضي يومه قبل الخامسة وبعد السادسة ونصف؟لا أحد يعرف. ثلاثة أشهر ومراد يتابع مصطفي،وفي كل مرة يستطيع الهرب منه في السادسة ونصف،وبالتالي لن يعرف مراد شيئا عن اليوم التالي له في الصباح، خطة مراد هو الوصول لعمق أسراره، صارت الحياة بينهما كمباراة يتحدي فيها الفريق الأول الفريق الثاني. جاءت لحظة حاسمة لهما،كانت في أواخر الشتاء ،حيث بعض الناس يعلنون قدوم الصيف من خلال إصرارهم علي إرتداء زالنص كومس والبعض الآخر يترقب في حذر ومحتفظا غدر فصل الشتاء فيتمسكون زبالجاكت او البلوفرس. اللحظة بينهما حاسمة لسبب بسيط ، فقد اكتشف مراد أين ينام الآخر وكيف يقضي يومه قبل الخامسة!! واكتشف الآخر مَنْ هو مراد!! ببساطة مصطفي يسكن ذاكرة مراد ،ومراد يسكن في حلم مصطفي،والاثنان وجهان لعملة واحدة ،كحالة مصطفي مع الوحدة ،والأمر ببساطة أيها القاريء الصبور ، أن مراد صنع مصطفي وجعله إطارا لفكرته عن ميدان طلعت حرب وآمن به ومن ثم بالفكرة. اشارة للتوضيح: مراد للعلم في الثلاثين من عمره ومخرج أفلام تسجيلية،ويود أن يصنع فيلما عن ميدان طلعت حرب، وفكرة الفيلم هي ماسبق ذكره، ليس أكثر ولاأقل، أي شخص يظهر في الخامسة ويختفي في السادسة ونصف ،ثم يذهب لفضاءات هناك خارج كوكب الأرض وخارج حدود مخيلتنا نحن، لأنه كان من صنع مخيلة مراد،حيث رجل يعبر الميدان كل يوم في ساعة محددة ثم يختفي .
رجل يعبر الميدان كل يوم في ساعة محددة ثم يختفي