اول حرف من اسمى : الساعه الآن : سجلت للمشاركه بقسم : المنتدى باكملهالنادى المفضل : نادي الأهلي المصري http://www.f1-arabic.comعلم الدوله : الجنسيه : جمهوريه مصر العربيه عدد المساهمات : 7442عدد النقاط : 25965السٌّمعَة : 244تاريخ التسجيل : 25/12/2010العمر : 39الموقع : www.daja2.yoo7.comالاوسمه الحاصل عليها :
موضوع: ستَّة أقدام تحت الأرض الأربعاء أكتوبر 19, 2011 8:46 pm
ابقي كما أنتِ أريدكِ هكذا منكوشةَ الشَّعر دون مكياجٍ أو أحمرِ شفاهٍ يجعلني أتردَّد قبل أن أقرِّب شفتيَّ من شفتيكِ، دون طلاءِ أظافرَ أو مزيلِ عَرَقٍ أو عطرٍ تخبِّئين خلفه رائحتكِ الحقيقيّة، أريدكِ عاريةَ الرُّوح، مسلوخةً وبيضاءَ، ها هنا، جالسةً أمامي، مقيَّدةَ القدمين والذِّراعين ومفتوحةَ الفخذين، نحتاجُ أن نتحدّثَ طويلاً قبل أنْ نتفاهمَ، نحتاجُ أن نهبطَ إلي السَّراديبِ المعتمة كي نفتحَ صناديقنا المخبَّأةَ بعنايةٍ، تلك التي تراكمتْ فوق أغطيتِها طبقاتُ الأتربةِ والغبارِ وعشَّشتْ فوقها العناكبُ، هذا الصُّندوقَ مثلاً، نعم، هذا، البنِّيَّ العريضَ، افتحيه، ستجدين بداخله كلَّ الصِّورِ التي التقطناها لوجهينا السَّعيدين حين كنَّا صغيرين، غافلينِ عمّا نحن فيه الآن
هذا الصُّندوقَ هناك، هل ترينه، ستجدين بداخله كلَّ الأماكنِ التي سرقنا فيها قبلاتِنا المحمومةَ: سلالمَ عمارات القاهرة العاليةِ التي ليس لها حرّاس، كورنيش اسكندريّة ومقابرَ ميلان وشوارعَ بورسعيد وميدانَ طلعت حرب وقريةَ الفرعونية ومدينة السَّلام وليل مدريد وجلافةَ بروكسيل وصيفَ كتالونيا ووسط البلد وموڤمبيك المطار وشيراتون الأسكندريّة وأوراسي الجزائر وقحط المنامة، كلّ الأماكن التي تركنا فيها ما يدلُّ علينا، هل تذكرين، هنا مثلاً قبَّلتكِ للمرة الأولي، في هذا الممرِّ الطَّويل بفندق ثلاث نجوم علي بحرِ اسكندريّة، كنتِ خارجةً من حمَّامكِ الصَّباحيِّ، وكنتُ أحاولُ تهجِّي ألوانِ عينيكِ وأنا أختبئ من ضوءِ الشَّمسِ الذي يعميني عن النَّظر في الأزرقِ السَّماويِّ الذي لا تحدُّه شطوطٌ.
II
أحتاج الآن أن أفتحَ أصابعَكِ هذه وأضعَ روحي بينها كما لو كنتِ طفلةً صغيرةً أعلِّمها كيف تقبضُ علي لعبتِها الجديدةِ
الأرواحُ لعبٌ يا حبيبتي، الأجسادُ أيضًا، ثمَّة دائمًا ما يمكن لنا أنْ نحوِّله إلي لعبةٍ نُلهي بها وقتنا، تصوَّري مثلاً أنَّني الآن مستعدٌّ أن أجعلكِ ترين أحشاءَك وهي تخرجُ من بطنكِ الجميلِ هذا، فقط بحركةٍ واحدةٍ من نصلِ هذا الخنجر، وستجدينها كلَّها أمام عينيكِ، لطالما كنت أرقبُ أمّي وهْي تنظِّف الدُّجاجَ والبطَّ والإوزَّاتِ والأرانبَ قبل أن تضعَها في الديب فريزر كنت أحبُّ هذه اللحظاتِ، وهْي تهيّئ هذه اللحوم طازجةً ومستعدّةً للطهو في حال زيارةٍ مفاجئةٍ أو ضيوفٍ طارئين، وهْي تفصلُ المعدةَ عن الأمعاءِ وتُزيلُ الدّمَ الأحمرَ القاني المتجلّط وسْط اللحمِ، وهي تنتفُ الرّيشَ بالماء المغليِّ وتفتحُ بالسكِّين عند الصَّدر، وهي تفصل غرفَ القلبِ وتغسلُه بالماء النَّظيفِ، لا يمكنُ لامرأةٍ ما أن تكون محترفةً مثل أمّي في تنظيفِ الطّيورِ المذبوحةِ، كنت أجلسُ منبهرًا كأنَّني أتفرَّجُ علي ساحرةٍ تريني ما لم أره من قبلُ، أنظرُ إلي أصابعها السَّريعةِ المدربَّةِ وأتخيّلُ كم كان هذا الدّيكُ جميلاً وهو يطاردُ دجاجاتِه منذ قليلٍ، كم كان ريشُه يلمعُ تحت الشَّمسِ وهْو يعدو خلفهنَّ متباهيًا بذكورتِه، لذا لا تخافي، اطمئنِّي تمامًا، حركةُ الخنجرِ لن تشعرَكِ بشيء، اللَّهمّ بسحْبةٍ خفيفةٍ لروحكِ، كما لو أنَّ عصا الكمانِ التي طالما أحببناها في موسيقي "الأب الروحي" قد مرَّت سريعةً وخاطفةً علي بطنكِ العاري.